الامام حسن بن علی زکی (ع)

سيرته وسنته
كراماته

روى حسين بن عبد الوهاب بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسن بن علي في بعض أسفاره ومعه رجل من أولاد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منزل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، ففرش للحسن تحت نخلة منهما، وفرش الزّبيري بحذائه، قال: فرفع الزبيري رأسه إلى النّخلة، وقال: لو كان عليها رطب لأكلنا منه، فقال له الحسن (عليه السلام) إنك لتشتهي الرّطب؟ قال: نعم، فرفع يده إلى السّماء ودعا بكلمات فاخضرّت النّخلة، وحملت رطباً فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله، فقال الحسن (عليه السلام) ليس هذا بسحر، ولكن دعوة أولاد الأنبياء مستجابة، فصعد أحدهم النخلة وجنى من الرّطب ما كفاهم(1).

روى ابن شهر آشوب بإسناده عن زين العابدين (عليه السلام) قال: كان الحسن بن علي جالساً فأتاه آت، فقال: يا ابن رسول الله، قد احترقت دارك قال: لا، ما احترقت، إذ أتاه آت فقال: يا ابن رسول الله، قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتى ما شككنا أنها ستحرق دارك ثم أن الله صرفها عنها(2).
عبادته(3)

روى الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق (عليه السلام) حدثني أبي عن أبيه (عليه السلام) أن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حج، حج ماشياً وربما مشى حافياً وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقةً يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، ويسال الله الجنة ويعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل ] يا أيها الذين آمنوا[ إلا قال: لبيك الله لبيك، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكراً لله سبحانه وكان أصدق الناس لهجة وأفصحهم منطقاً(4).

قال إبن شهر آشوب: إن الحسن بن علي (عليه السلام) كان إذا توضأ إرتعدت مفاصله وإصفر لونه فقيل له في ذلك، فقال: حق على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله.
وكان (عليه السلام) إذا بلغ المسجد رفع رأسه ويقول: إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم، وكان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وان زحزح أي وإن أريد تنحيه من ذلك باستنطاق ما يهم(5).
ما علمه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للحسن بن علي (عليه السلام)

روى الحاكم النيسابوري بإسناده عن عائشة عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في وتري، إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود: اللهم اهدني فيمَنْ هَدْيتَ وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيتَ وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت(6).

وروى بإسناده عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هؤلاء الكلمات في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت(7).

روى الحافظ ابن الأثير بإسناده عن عمير بن المأمون قال: سمعت الحسن بن علي يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: من صلى صلا ة الغداة فجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس كان له حجاب من النار، أو قال: ستر من النار(8).

روى الجزري بإسناده عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى(9).
نماذج من علم الحسن (عليه السلام)

روى الطبري بإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عليه السلام) قال: أقبل أمير المؤمنين ذات يوم ومعه الحسن بن علي(عليه السلام) وسلمان الفارسي، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس، فأقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين، (عليه السلام) فرّد (عليه السلام) فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أفضى إليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وإن يكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك، فقال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: يا أبا محمد، أجبه، فقال (عليه السلام): أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه، فإن روحه متعلقة بالريح والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله برّد تلك الروح على صاحبها جذبت الرّوح الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت فسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله عزّ وجلّ بردّ تلك الروح على صاحبها جذبت الهواء الرّيح فجذبت الريح الرّوح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.
وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان، فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق، فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسي وإن لم يصل على محمد وآل محمد، إذ نقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب، ونسي الرجل لما كان ذكره.
وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله، فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب فأسكنت تلك النطفة جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وأمه، وإن أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام، أشبه الولد أعماله، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.
فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بذلك، وأشهد أنك وصي رسول الله، القائم بحجته، وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته وأشار إلى الحسن (عليه السلام) وأشهد أن الحسين بن علي وصي أبيك والقائم بحجته بعدك وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين بعده وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي بعده، وأشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد بعده وأشهد على علي بن موسى الرضا بأنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، واشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين للحسن (عليه السلام): يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج في أثره فقال: فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمته فقال (عليه السلام): يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر(10).
الهوامش
1 - عيون المعجزات ص55.
2 - المناقب ج4 ص6.
3 - قال محمد بن طلحة: إن العبادة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: بدنية ومالية، ومركب منهما، فالبدنية كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن الكريم وأنواع الأذكار والمالية: كالصدقات والخيرات والمبرات، والمركب منها: كالحج والجهاد والأعقاد، وقد كان الحسن (عليه السلام) ضارباً في كل واحد من هذه الأنواع بالقدح الفائز والقدح الحائز مطالب السؤول ص179.
4 - الأمالي، المجلس الثالث والثلاثون ص178.
5 - المناقب ج4 ص14.
6 - المستدرك على الصحيحين ج3 ص172، رواه إبن الأثير في أسد الغابة ج2 ص10 وإبن عساكر في ترجمة الإمام الحسن من تاريخ مدينة دمشق ص6.
7 - المصدر.
8 - أسد الغابة ج2 ص11.
9 - أسنى المطالب ص33.
10 - الاحتجاج ج1 ص226.